القتل هو أن يتسبَّب إنسان في وفاة إنسان آخر هناك قتل غير مُتعمَّد ومُتعمَّد، وهناك أنواع مختلفة مِن القتل بوجه عام تَلقى مُعامل...
القتل هو أن يتسبَّب إنسان في وفاة إنسان آخر هناك قتل غير مُتعمَّد ومُتعمَّد، وهناك أنواع مختلفة مِن القتل بوجه عام تَلقى مُعاملة مختلفة تمامًا في المجتمعات الإنسانية؛ تلك المستويات مِن القتل قد تتضمن القتل العَمد، الإجهاض، القتل الخطأ، القتل الرحيم، والإعدام.
القتل الخطأ في الشريعة الإسلامية
أحكام هذه الجريمة مستمدة من الآية الكريمة: (وما كان لمؤمنٍ أن يقتلَ مؤمناً إلا خطأ؛ ومن قتل مؤمناً خطأ فتحريرُ رقبة مؤمنة ودية مسلّمة إلى أهله إلا أن يصدقوا. فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمنٌ فتحريرُ رقبة مؤمنة، وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة. فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهَرَينِ متتابعينِ توبةً من اللِّه وكانَ اللُّهُ عليماً حكيماً)
أجملت هذه الآية الكريمة أحكام القتل الخطأ، وبالاستعانة بالسنة النبوية وبأقوال الشراح نستطيع تفصيل هذا الإجمال
(وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمناً إلا خطأ) والخطأ الوارد هنا هو بمعنى عدم القصد. وعد القصد هو مناط الإباحة. . .
فالأصل أن الخطأ لا يعاقب الإنسان عليه (ولا جناح عليكم فيما أخطأتم به) ولكن لما نتج عن هذا الخطأ إزهاق روح بشرية صار إثماً ووجب عقاب فاعله على رعونته وإهماله
ولقد عدّد الفقهاء صور الخطأ وأوجهه فقالوا: إن وجوه الخطأ لا تحصى ويربطها جميعاً عدم القصد مثل أن يرمي صفوف المشركين فيصيب مسلماً، أو يسعى بين يديه من يستحق القتل من زان أو محارب أو مرتد فطلبه ليقتله فلقي غيره فظنه هو فقتله فذلك خطأ
وعقوبة هذه الجريمة تختلف باختلاف الشخص الذي وقعت عليه، فإن كان المجني عليه مؤمناً من قوم مؤمنين فله حكم خاص؛ وإن كان مؤمناً منتمياً إلى الأعداء ومقيماً معهم فله حكم آخر؛ وإن كان من قوم معاهدين فله حكم مخالف لما سبق
فإن كان المقتول خطأ مؤمناً من قوم مؤمنين فقد قالت في حكمه الآية الكريمة: (ومن قتل مؤمناً خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلّمة إلى أهله)
فبناءً على ذلك يلتزم القاتل بتحرير رقبة مؤمنة وتسليم دية إلى أهل القتيل، وعلّة إلزام القاتل بتحرير رقبة مؤمنة هو أنه قد تسبب بإهماله ورعونته في قتل نفس مؤمنة كانت تعبد الله فتعين عليه إقامة نفس أخرى محلها، ولا يمكنه ذلك بالإحياء فلا مناص إذن من العتق. ولا تنس ما في هذا العمل من حض ظاهر على إزالة الرق
وهذا العتق من قبيل الكفارة التي ترفع عن المذنب عقوبة الآخرة.
ولقد اشترط العلماء في هذه الرقبة المؤمنة أن تكون رقبة قد عقلت الإيمان، لأن الغرض هو تنصيب إنسان للعبادة بدل الإنسان المقتول، فلا يصلح إذن إعتاق المجنون جنوناً مطبقاً، ومن كان في حكمه.
والعقوبة الثانية هي دفع دية إلى أهل القتيل عوضاً عن دمه، ولقد ذكر القرآن الدية إجمالاً، ولكن السنة وضحت هذا الإجمال إذ ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن الدية مائة من الإبل
ولقد توسع العلماء بعد ذلك فقالوا: إن الدية قد لا تدفع من الإبل، بل قد تستبدل ذهباً، فهي عند أهل الذهب ألف دينار، وعند أهل الفضة اثنا عشر ألف درهم، وعند أهل الشاء ألف شاة، وعند أهل الحلل مائتا حلة. . .
على أن دفع هذه الدية حق خالص لورثة القتيل إن شاءوا تنازلوا عنه، وإن شاءوا احتفظوا به؛ أما الكفارة، وهي إعتاق الرقبة المؤمنة، فلا تسقط بإبراء الورثة لأنها حق لله تعالى.
أما إن كان المقتول مؤمناً منتمياً إلى الأعداء، وكان القاتل يعتقد أنه كافر، فقد جاء حكمه في الآية: (فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة) أي أن العقوبة هنا قاصرة على الكفارة، وهي تحرير الرقبة المؤمنة، فلا يلتزم القاتل بدفع دية إلى أهل القتيل، وسقطت الدية لوجهين أحدهما أن أولياء القتيل أعداء للمسلمين، فلا يصح أن تدفع إليهم فينتفعوا بها، والثاني أن حرمة هذا الذي آمن ولم يهاجر قليلة فلا دية له لقوله تعالى: والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا.
والحالة الثالثة تتحقق عندما يكون المقتول خطأ من قوم معاهدين أو ذميين، ففي هذه الحال يجب تحرير الرقبة المؤمنة وتسليم الدية إلى أهله. ونلاحظ أن هذه الحالة لا تفترق عن الحالة الأولى، وسبب الإلزام بدفع الدية هو أنه ما دام المقتول من قوم معاهدين فهم إذن أولى بديته
ثم قالت الآية في آخر الأمر: (ومن لم يجد فصيام شهرين متتابعين) أي من لم يجد الرقبة، ولا اتسع ماله لشرائها، فصيام شهرين متتابعين يعفيه من هذا الواجب
هذه هي أحكام القتل الخطأ في الشريعة الإسلامية وقد أوردتها بإيجاز يعفي القارئ من التفصيلات المسهبة
القتل في القانون المغربي
النشاط المادي لجريمة القتل يكون نشاطا بالفعل أي بجوارح الجاني بحيث يقدم على عمل يؤدي الى الحاق ضرر يفضي الى الموت.
وأوضح بأن العنف نوعان :
النوع الأول هو العنف المادي الذي يترتب عنه ضرر مادي بجسم الضحية (مثل الوخز والضرب و.. غيرها من الأنشطة المادية (الأفعال) التي تتصل بذات الضحية
النوع الثاني : العنف المعنوي هو كل عنف لا يتصل بالجسم المادي للضحية، بل هو الذي له أثر على الحالة النفسية للضحية. ومبرر وجود هذا النوع هو ما نعيشه اليوم من أنه بإمكان الأفعال المتعددة أن تنشأ أذى نفسي يؤدي الى اختلال في الوظائف الحيوية للجسم وتتسبب في الموت مثلا بسبب أزمة قلبية أو عقلية.
والحقيقة أنه يصعب تصور أن التسبب في الأذى النفسي يؤدي الى الموت مباشرة .. لكن قد يكون ذلك لأن الأحوال النفسية تتأثر بسبب المواد (الكيماوية .. إلخ) والأحوال النفسية تؤثر في الحالة الجسمية مما قد يؤدي إلى نتائج مثل الموت ..
وأمثلة ذلك التأثير بالضغط المتواصل على الموظف أو الزوجة مثلا يؤدي إلى أحوال جسدية تسبب الموت (فبذلك يؤدي العنف المعنوي بطريقة غير مباشرة الى الموت)
فما هو موقف المشرع المغربي من العنف النفسي الذي قد ينتج عنه الموت ؟
ان دراستنا للنص الجنائي يفرض الإلتزام بالمبادئ التي تحكم القاعدة الجنائية باعتباره قانونا خاصا تحكم تفسيره قاعدة : لا يجوز التوسع في تفسير النص الجنائي :: وإنما يؤخذ على معناه
إذا عدنا إلى المادة 392 نجد أن المشرع لم يعتم بطبيعة الفعل بل اهتم بدلالة السببية أو التسبب في القتل.
وباعتماد المشرع على لفظ "تسبب" نجد أن العمل القضائي جرى على أن الأذى الذي يؤدي الى التسبب في القتل/الموت هو فعل مادي او عنف مادي أو نشاط مادي أو أذى مادي [بمعنى اننا نقصي الأذى النفسي من العوامل المسببة للموت/القتل حسب القانون
وتعود أسباب العنف المؤدى الي القتل
1 كونه لم يكن معلوما في زمن انشاء قواعد القانون الجنائي فحينها لم يكن يُتصور أن القتل ينشأ عن أفعال أو إذاية غير مادية.
2 صعوبة الربط بين الفعل الذي يتضمن الايذاء النفسي ونتيجة الموت/القتل؛ بحيث لا يمكن الجزم بأن فعلا ما يتضمن إيذاء نفسيا هو السبب المباشر في تحقق القتل
3 اختلاف تأثير الأذى النفسي تبعا للأشخاص (فما قد يكون إذاية نفسية عند البعض لا يكون عند البعض الآخر)
4 ارتباط السلوك اللفظي أو غير اللفظي الذي يؤثر في نفسيات الأشخاص بتطور وسمو الذوق العام .. الثقافة العامة .. رقي المجتمع
5 كل ما ينتج عنه أذى نفسي ليس بالضرورة فعل معنوي بل كذلك قد ينتج الأذى النفسي عن ارتكاب فعل مادي لكن العقوبة لا تشمل الجانب الضرر النفسي الذي يلحق ذوي الضحية واقاربها (مثل الذي يغتصب زوجة رجل ما ليلحق به الأذى .. فهو يعاقب على الاغتصاب ولا يعاقب على الضرر النفسي الذي يلحق الزوج)
واستقر الأمر على أن التسبب في القتل ينبغي أن يكون بالفعل الإيجابي الذي قد يتجسد في الأذى أو في فعل الأصل فيه أنه غير مؤذي (مثل التخذير الذي ليس فيه عنف [موت بطيئ] مثل تجرع السم) وقد تكون هذه الأفعال ذات عنف (إهانة مثلا) او بدون عنف (مثل الذي تتحدث معه بشأن شيء معين ف ومات
الإعتداء على الحياة يكون بالعنف (الضرب/ القتل ) و قد لا يكون بالعنف (مثل التسميم)
الأفعال العنيفة المتسببة في الموت : العنيفة تتضمن الأذى المادي والمعنوي
ومن هنا نجد بأن المشرع قد تفادى الحديث عن العنف المعنوي، فكأن القانون الجنائي فيما يتعلق بالاعتداء على الحياة والسلامة الجسدية يجرم الأفعال المادية (الايجابية) أي النشاط المادي غير المعنوي الذي يؤدي الى التسبب في الموت ..
أما النتيجة :
والضحية في جريمة القتل يفترض فيها لطبيعة تنصيص الفصل على لفظ : "الغير"
فالنص في الفصل 392 ينص على أن الضحية هو الغير مما يفيد أنه هو شخص آخر غير الشخص الفاعل المتسبب في تحقق الموت.
مما يفترض معه أن الضحية لا تكون هي نفس مرتكب النشاط، مما يخرج الانتحار من جريمة القتل.
ويفترض كذلك أن يكون في الضحية قد سبقت لها الحياة وان النشاط المادي هو الذي أزهقها.
وبناء عليه ففعل الاعتداء المرتكب على جثة هامدة لا يجعل الفعل فعل قتل العمد.
غير أنه في القانون المغربي [تم اعتماد فكرة : الجريمة المستحيلة]، ومن تم فالذي يعتدي على جثة ميتة (شخص ميت) معتقدا أنه حي، فيرتكب ضده من الافعال بنية القتل ما من شأنه إلحاق الموت به، ثم يتبين له في الأخير بأن هذا الشخص كان ميتا من قبل، فإنه وحسب قاعدة الجريمة المستحيلة فإنه يعاقب بعقوبة الجريمة المتحققة (استثناء).
ثم قد نتسائل عن العتبة التي نبدأ انطلاقا منها في الحديث عن الشخص الحي. أي إنه يفترض ان نتسائل عن حالة الاعتداد التي تقتل الجنين،
أي بعبارة آخرى نتسائل عن الأفعال التي ترتكب ضد جنين وتلحق به القتل. اي الاعتداء المتسبب في قتل الجنين.
استقر النقاش القانوني على أن هذا الفعل لا يصنف قتلا عمدا؛
وتم التنصيص عليه كجريمة خاصة لا تصنف ضمن ال
فالاعتداءات المؤدية الى القتل المطبقة على الجنين المنفصل عن بطن أمه يعتبر مرتكبا لجريمة القتل العمد
والذي ارتكبها على الجنين في بطن أمه لا يعد مرتكبا لجريمة القتل العمل ولكن يعتبر فعله ذاك جريمة تعاقب بعقوبة أخرى.
وماذا عن معرفة الضحية من غيرها أي هوية هذا الغير :
هل يشترط في الجاني أن يعرف الضحية، بحيث مثلا أن يقتله، وفيما بعد يتبين له أنه ليس المقصود بنية القتل (كأن يقتل أحمد وبقول لنا بأنه قتله خطأ لأن كان يريد أن يقتل محمد) .. المشرع لم يحدد ما إذا كان الضحية معروفا لدى الجاني أم لا ففي جميع الحالات يسمى قاتلا و يعاقب بجريمة القتل العمد.
COMMENTS